الباب الثاني: في فضائل الحجاج والعمار والطواف وما ضاهاها

فصل في فضل الحاج والمعتمر

لا يخفى أن للحج فضيلةً ودرجة ليست لغيره من العبادات والطاعات، دلَّ عليه الكتابُ والسنة، قال تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾] الحج: ٢٨[قيل: هي المغفرة، وقيل: التجارة، وقال مجاهد وعطاء: بل يعم منافع الدنيا والآخرة، وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: أن رسوله الله ﷺ قال:" العمرةُ إلى العمرة كفارةٌ لما بينَهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جزاء إلا الجنة" رواه مالك، والبخاري، ومسلم، وغيرهمقال القرشي: معناه: لا يقتصر فيه على تكفير بعض الذنوب، بل لا بد أن تبلغ به إلى الجنة بفضل الله وكرمه.

فصل في فضل رمضان بمكة والعمرة بها

أخرج البزار: رمضانُ بمكة أفضلُ من رمضان بغير مكة، وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-، قال: قال رسول الله ﷺ: “إن عمرة في رمضان تعدل حجة" متفق عليه.

فصل في فضل الطواف

عن محمد بن المنكدر، عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ "من طاف بالبيت أسبوعاً، لا يلغو فيه، كان كعدلِ رقبةٍ يعتقها" رواه الطبراني في "الكبير"ورواته ثقات، وعن ابن عباس: أن النبي ﷺ قال: "الطوافُ حول البيت صلاة" رواه الترمذي، واللفظ له، وابن حبان في "صحيحه".

فصل فيما جاء في الحَجَر والركنين والملتزم

عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ في الحجر الأسود: "واللهِ! ليبعثَنَّهُ اللهُ يوم القيامة وله عينان يُبصِر بهما، ولسانٌ ينطِقُ به، يشهد على من استلمه بحق" أخرجه الترمذي، وحسَّنه أَبو حاتم، وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: "مسحُ الحجر والركن اليماني يَحُطَّان الخطايا حطاً" رواه أحمد، وابن حبان، والترمذي، معناه: وإنهما يُبعثان يوم القيامة، ولهما عينان ولسان وشفتان يشهدان لمن استلمهما بالوفاء، وعن ابن عباس مرفوعاً، قال: "الركنُ الأسودُ يمينُ الله في الأرض يُصافح بها عبادَه كما يصافح أحدُكم أخاه" أخرجه الأزرقي. وعن ابن عباس عن النبي ﷺ: "ما بين الركن والمقام ملتزَمٌ، لا يدعو به صاحبُ عاهة إلا بَرَأ" رواه الطبراني".

فصل في المشي بين الصفا والمروة

عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: "أما طوافُك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة. . . " الحديث، رواه الطبراني في "الكبير"، والبزار، واللفظ له، وعنه: "من سعى بين الصفا والمروة، ثَبَّتَ اللهُ قدميه على الصراط يومَ تزلُّ الأقدام" أخرجه صاحب المسالك.

فصل في فضل شرب ماء زمزم

عن ابن عباس مرفوعًا: "ماءُ زمزم لِما شُرب له"، فإن شربته تستشفي، شفاك الله، وإن شربته مستعيذاً، أعاذك الله، قال ابن العربي: وهذا موجود فيه إلى يوم القيامة -يعنيالعلم والرزق والشفاء- لمن صحَّت نيتُه، وسلمت طويته، ولم يكن به مكذباً، ولا يشرب مجرباً؛ فإن الله مع المتوكلين.

فصل في أسماء ماء زمزم

وهي كثيرة تدل على شرفها وفضلها، منها:

زمزم، وهمزة جبريل، وهزمة جبريل، وظبية، وطيبة، وبَرَّة، وعصمة، ومفنونة، وشباعة العيال، وعونة، وسيدة، ونافقة، وبشرى، وصافية، ومَعذبة، وغيرها.

فصل في المحافظة على الصلوات في المسجد الحرام جماعة في أوقاتها

عن ابن الزبير، قال: قال رسول الله ﷺ: "صلاة في مسجدي هذا أفضلُ من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجدَ الحرام، وصلاةُ في المسجد الحرام أفضلُ من مئة صلاة في مسجدي" رواه أحمد بسند صحيح، وعن الأرقم: قال ﷺ: "صلاة هاهنا -وأومأ بيده إلى مكة- خيرٌ من ألف صلاة هاهنا -وأوما بيده إلى الشام" أخرجه أحمد -يعني: بيت المقدس-. وفي المراد بالمسجد الحرام الذي تُضاعف فيه الصلاةُ أربعة أقوال:

١ - الأول: أنه الحرم كله.

٢ - والثاني: أنه مسجد الجماعة.

٣ - والثالث: أنه مكة المشرفة، نقله الزمخشري عن أصحاب أبي حنيفة.

٤ - والرابع: أنه الكعبة، قال ابن جماعة: وهو أبعدُها، والأوجهُ الأولُ.

فصل في فضل من صبر على حرها ولأوائها

عن الحسن البصري، عن النبي ﷺ: أنه قال: "من صبر على حَرِّ مكةَ، ولو ساعةً من نهار، تباعدَتْ منه النارُ مسيرةَ عام"، وفي لفظ: "خمس مئة عام"، وقال - ﷺ: "من استطاع منكم أن يموتَ في أحد الحرمين، فليمت فيه؛ فإني أول من أشفع له". وعن ابن عباس مرفوعاً، "لولا أن قومي أخرجوني منك، ما سكنتُ غيرَك"، وفي طريق أخرى: "لولا أني أُخرجت منك، ما خرجتُ" رواه أهل السنن، وصححه الترمذي.


رحلة الصديق إلى البيت العتيق
رحلة الصديق إلى البيت العتيق
محمد صديق حسن خان القنوجي البخاريّ
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00